أجدد المواضيع:

النشاط : درس نظري.

المشكلة : الشعور و اللاّ شعور.

1ــ الوضعية المشكلة :

ـ تأمل الحوار التالي الذي دار بين طالب في الجامعة و أستاذه في علم النفس :
ـ الطالب :  لماذا يا أستاذ برأيك أعاني من مشكل زلات القلم ؟
فأنا لماّ أكتب أعيد الكتابة دون وعي مني
ـ الأستاذ : لعلّ الرغبات اللاّشعورية عندك كثيرا ما تعمل عملها .
الطالب : ماذا تعني بقولك اللاّشعورية ؟ وهل الحياة النفسية مبيتة الأعلى الشعور!
الأستاذ : لا أيها طالب و لكن الحياة النفسية تبنى على أساس الشعور و اللاّشعور كليهما.

Philosophy

تعليمة: ما رأيك؟

1ـ تحليل الوضعية :

ـ حوار بين طالب و أستاذ حول ظاهرة نفسية إنتقل الحوار بينهما إلى الجدال حول هذه الظاهرة النفسية حول اللاّشعور و إمكانية وجوده .

إذن من أجل إبداء رأي حول شخصين ينبغي طرح الأسئلة التالية :

1ـ ما مفهوم الشعور ؟
ـ ماهي مميزاته ؟
ـ ماهي مراتبه ؟
ـ وكذلك طبيعته ؟
وماذا يعني القول أن الشعور هو أساس الحياة النفسية ؟
ـ وفي المقابل ماذا يعني اللاّشعور ومن ثم إكتشافه وما المدرسة المسؤولة عن هذا الإكتشاف و ما هي مبرراتها حول غثبات وجود اللاّشعور ؟
ـ وما علاقة اللاّشعور بالجهاز النفسي ؟
ـ و بالغريزة الجنسية و العدوانية ؟
ـ هل اللاّشعور نظرية علمية أم مجرد إفتراض فلسفي ؟

ـ الشعور كأساس للحياة النفسية :

1ـ مفهوم الشعور :

ـ هو معرفة النفس بأحوالها و أفعالها مباشرة ، بمعنى انه إدراك المرء لذاته وأفعاله إدراكا مباشرا .

ـ إذا كان الشعور معرفة فما هي مميزاتها ؟

2ـ مميزات المعرفة الشعورية :

أـ المعرفة الشعورية أولية :

ـ وهذا يعني أنها تعتبر الإلتقاء الأول بين الإنسان و ذاته لهذا يقول لالاند:(إن الشعور معطى أولي )

ب ـ المعرفة الشعورية ذاتية :

ـ فهي ملك خاص ، فهي من خصوصية الأنا ، بل إن الذات نفسها لا تعجز عن التعبير عن الأحوال النفسية الشعورية ، لأنها أسرار ومن الصعب التعبير عنها أو وصفها مثال ذلك من مات له شخص فشعور نفسه يكون خاصا به دون الآخرين .

ج ـ المعرفة الشعورية لها هوية :

ـ بمعنى أن المعرفة الشعورية تقوم على إرجاع كثرة الأحوال النفسية و فعالياتها إلى وحدة النفس المدركة ، بمعنى (الشعور وحدة في كثرة ).

د ـ المعرفة الشعورية لها إتصال :

فالحياة الشعورية في ديمومة مستمرة و الإنتقال من حال إلى حال آخر لهذا يقال (إن الشعور تغير في إتصال ).

3ـ مراتب الشعور :

أـ الشعور العفوي :

هو الشعور الذي تعيشه الحياة بنفس تلقائي طبيعي بعيدا عن القصد و التوجيه الإرادي ، فهو نشاط شعوري بسيط يسجل الواقع كما هو .

ب ـ الشعور الإرادي التأملي :

ـ وهو شعور تعيشه الذات بنوع من اليقظة و التركيز و الإنتباه بحيث تعي أحوالها و ما يجري في نفسها ، ومجموع التغيرات التي تطرأ عليها مثل : ما يفعله الطالب إزاء مشكلة علمية .

ج ـ الشعور الهامشي :

وهي حالات شعورية قريبة من الشعور الإرادي لكنها خافتة و غير واضحة ، وذلك نظرا لإهتماماتنا لموضوعات أخرى ، مثل : تعامل التلميذ بموضوع الدرس بشعوره في نفس الوقت بما يحيط به من وسائل و أدوات و أشخاص و فضاء خارجي .
لهذا يمكن القول أن الشعور ليس مستوى واحد بل هو درجات و مراتب تختلف بإختلاف الموضوعات الشعورية .

4 ـ طبيعة الشعور :

ـ الشعور أولا هو عبارة عن نشاظ أو فعل تقوم به الذات ، غير أن ذلك لا يمنع من أن تكون للشعور خصائصا نذكر منها :

أـ الشعور التلقائي :

بمعنى أنه يسير بطريقة عفوية ، و للذات الحرية في إختيار الموضوع الذي تريد أن تسقط عليه شعورنا ، و يكون موافقا لأحوالها و تهمل مالا يناسبها، ومن هنا يكون الإختلاف بين الناس في شعورهم لإختلاف إهتماماتهم .

ب ـ الشعور متغير ومتنوع :

فالشعور لا يستقر على حال و لا يثبت على موضوع واحد فهو أشبه بحركة العين ، ويكون تغيره حسب الظروف المحيطة بنا ، وهذا ما عبر عنه "جيمس" (كثيرا ما ننتقل ...ذكرى إلى أمل ...ومن حب إلى بغضاء ...) وهذا ما أكده " باسكال " بقوله (الزمن يشفي الألم و المنازعات و الظغائن لأن الإنسان يتغير و يتبدل من حال إلى حال آخر فلا الجارح و لا المجروح بلباقينا على حالتها الأولى ) .

ج ـ الديمومة :

فالشعور نشاط متدفق بإستمرار لا يعرف التوقف ولا الإنقطاع ، فهو شبيه بالنهر الجاري يقوى أحيانا وي ضعف أخرى لكنه لا يتوقف أبدا .

دـ الشعور كيفي :

ـ بمعنى ان الأحوال الشعورية معنوية فلا يمكن قياسها ولا تقديرها تقديرا كميا بل هي أحوال نفسية يمكن فقط وصفها و الإطلاع عليها ، وهذا من خلال صاحب الشعور نفسه .

4ـ الشعور أساس الحياة النفسية :

يرى أصحاب هذه النظرية أن الشعور مبدأ وحيد للحياة النفسية ، وهذه النظرية تقليدية شاعت في العصور الوسطى ومن اهم روادها  " ديكارت ، " آلان " فالإنسان يعرف ويعي كل ما يجري في نفسه ويدرك كل أحوالها فما لا نشعر به فليس من أنفسنا لأن ما هو نفسي يساوي ما هو شعوري لهذا يؤكد " ديكارت " بقوله : ( لاتوجد حياة نفسية خارج الروح إلا الحياة الفيزيولوجية ) كما أن النفس البشرية لا تنقطع عن التفكير إلا إذا إنعدم و جودها ، لهذا يؤكد "ألان" : ( لا يستطيع الإنسان أن يفكر دون أن يشعر بتفكيره ) ولو قلنا بوجود حالات نفسية لانشعر بها فهذا يعد تناقظا مع وجود النفس القائم على الوعي وهذا ما أكده " ديكارت " ( إن كل ما هو شعوري هو نفسي )وهذا مايؤكد على أن الشعور هو أساس الحياة النفسية .

ـ اللاّشعور كأساس نفسي عميق و مؤثر في السلوك :

1ـ مفهوم اللاّشعور :

هو مجال خفي من النفس البشرية يؤثر فيها دون وعي منها ، وهو غني بالميول و الرغبات و الأهواء و الذكريات و الأفكار و الإتجاهات المكبوتة وهي دائمة الحركة و النشاط و تسعى للظهور في ساحة الشعور دون وعي الذات بها و بطرق غير مقبولة .

2ـ مقدمات في إكتشاف اللاّشعور :

ـ فكرة اللاّشعور لم تكن مجهولة تماما خاصة مع نهاية القرن التاسع عشر و مطلع القرن العشرين ، ولعل من أشهر هذه الافكار التي نبهت على وجود أفعال اللاّشعور هي ما أورده الفيلسوف والعالم الرياضي " لايبنتز " الذي أشار إلى أن إدراكنا لهدير أمواج البحر إنما يتم دفعة واحدة و في صورة كلية رغم أنه في الحقيقة مؤلف من إدراكات صغيرة لا حصر لها ، كما أن الإحساس يصبح تحت تأثير العادة لا شعورية .

ـ غير أن الفكر و الحدث الرئيسي الذي مهد لميلاد هذه النظرية هي تلك البحوث الطبية التي أجراها الأطباء حول مرض الهستيريا  و ما يترتب عنه حكات ذهنية و حركية فأثبتت تجاربهم أن أسباب هذا المرض لا تقود إلى أسباب عضوية مادية بل إلى أسباب نفسية معنوية ، وللكشف عنها لجؤا إلى طريقة التنويم المغناطيسي  كطريقة علاجية ، ومن أشهر الرواد في هذا الميدان العلاجي نجد : " فيرنهايم " و " شاركو " و " بيلر جانيه "  وكذلك الطبيب الشهير : " سيغموند فرويد "  ولكن هذا الأخير سرعان ما لاقى صعوبات في هاته الطريقة و التي تتمثل في ما يلي :

ـ أن الكثير من المصلبين المرضى بالأمراض العصبية لا يمكن تنويمهم .
ـحتى ولو تم تنويمهم فالعلاج غير مضمون .
ـفسارع " فرويد " بعد ذلك إلى إسقاط هذا العلاج و تعويضه بطريقة التداعي الحر التي تعني توفير الإرتخاء و الإستسلام للتعبير بحرية و دون قيود لكل ما يرد في ذهن المرضى ، وهذه الطريقة العلاجية إهتدى من خلالها :" فرويد " إلى طريقة التحليل النفسي التي مكنته من إكتشاف عالم اللاّشعور و إثبات وجوده .

3ـ ظهور مدرسة التحليل النفسي و إثبات وجود اللاّشعور :

ـ  يعتبر :" فرويد " المؤسس الحقيقي لمدرسة التحليل النفسي و التي هي في حقيقتها منهج علاجي و نظرية لتفسير الأحوال النفسية و الأمراض العصبية ، تقوم على قاعدة أساسية تعتمد كأسلوب العمل هي طريقة التداعي الحر و التي تعني أنه على المريض البوح بكل شيء يجري في ذهنه و نفسه مهما كان ذلك الشيء تافها أو عيبا أو لا أخلاقيا أو محرما .
ـ حتى هاته الطريقة العلاجية إصطدمت بمشكلتين تنشآن من المريض لمحاولة الهروب و إخفاء عقده و أمراضه بطريقة لا شعورية هما :

أـ التحويل :

بحيث أن المريض يحول مجرى التحليل إلى الطبيب نفسه هروبا من الموقف .

ب ـ المقاومة :

ـ بحيث أن المريض يتجنب الصراحة التامة في الإدلاء بما يجري في نقسه .

ملاحظة :

ـ تقوم مدرسة التحليل النفسي  إلى ثلاثة دعائم و هي :
ـ أهمية الكبت
ـأهمية الغريزة (الجنسية ، الحيوانية )
ـ أهمية الطفولة .

4ـ مبررات وجود اللاّشعور :

ـ لقد كان لمدرسة التحليل النفسي فضلا كبيرا في إكتشاف اللاّ شعور بحيث أنها قدمت إثباتات و مبررات حول وجود اللاّشعور ومن أهمها :

ـ إنكار وجود اللاّشعور يُبقي جزءا كبيرا من حياتنا بدون تفكير لهذا يؤكد : " فرويد "  بقوله (إن تقييم الحياة إلى ما هو شعوري و اللاّشعور هو الفرد الأساسي الذي يقوم عليه التحليل النفسي ) كما أن التحليل النفسي كشف عن وجود علاقة وطيدة بين أمراض العصبية و النشاطات اللاّشعورية مثل : ( القراءة الخاطئة ، أحلام اليقظة ، النسيان المؤقت و الكلي .....إلخ ) ومن الدلائل و البراهين أيضا تلك الحيل اللاّشعورية التي نستخدمها للتخلص من الدوافع المنبوذة أو لمقاومة بعض الذكريات و طردها من ساحة الشعور .

ـ وبناءا على هذه الحجج يعتقد أصحاب التحليل النفسي أن الشعور فرض علمي ومشروع حقيقة لا يمكن إنكاره .

5ـ مستويات الجهاز النفسي عند سيغموند فرويد :

ـ إن الإنسان في تكوينه الطبيعي الفطري يولد وهو مزود بدوافع عدوانية و بيولوجية و جنسية ، إلا أنها في سعسها للتحقق تصطدم بعراقيل و معوقات من السلطة الأخلاقية و الإجتماعية و أمام هذا الوضع تظطر الذات إلى ظبط هذا الموقف من خلال توجيه هذه الدوافع وظبطها وحتى طردها من جهة و إرضاء السلطات الأخلاقية من جهة أخرى ، وعلى هذا الأساس بنى :" فرويد" تصوره للجهاز النفسي البشري و جعله في ثلاثة مستويات أو قوى أساسية :

أـ الهوى :

هو مجموعة الرغبات و الميول و الأهواء و المكبوتات والغرائز الجنسية و الحيوانية التي هي في نشاط دائم و تسعى إلى التحقق إلى أرض الواقع بطرق مقبولة أو غير مقبولة ، فهو غير منظم ويقوم عل أساس اللذة المطلقة .

ب ـ الأنا الأعلى :

وهو مجموعة  الضوابط النفسية و الإجتماعية و الأخلاقية و الدينية و العادات و التقاليد و الموانع و القوانين الرادعة و التي نطلق عليها لفظ الضمير .

ج ـ الأنا  :

و هو المستوى الذي يمثل القوى الظابطة و المنظمة التي تت وسط بين الهو ورغباته وبين الأنا الأعلى و موانعه ، فالأنا قدرة واعية تتقبل الصراع وتتعايش معه و تعمل على تحقيق التوازن و التلائم و الإبتعاد عن الإنسان الصراعات و الأزمات النفسية لكن بعيدا عن هذه المستويات و صراعها أو توازنها إذا كان الهو مصدر الطاقة في الإنسان فإلى أي مدى يمكننا فهمه و إدراك حقيقته ؟

6ـ الغريزة الجنسية و الغريزة الحيوانية :

أـ الغريزة الجنسية (الليبيدو ):

فـــ: "فرويد " يعتقد بأن جميع صخب الحياة و دوافعها ينشأ في معظمه من الشهوة ومن الصراع ضد الشهوة ، ومظاهر الحب و العواطف بمختلف اشكالها ...كل هذا يجعل من الليبيدو نزوع مستميت نحو البقاء و المحافظة على الحياة .

ب ـ الغريزة الحيوانية ( العدوانية غريزة الموت ) :

وهي الغريزة التي تمثل كل مظاهر القسوة و الهدم و التحطيم و الإظطهاد ضد الآخرين سواء كان إنسانا أو  جمادا أو حتى على ذاته ( الإنتحار ) مما يجعل من السلوك العدواني إستعدادا فطريا نستنتج من هذا أن حياة الإنسان و سلوكه تسيطر عليه مجموعة من الدوافع الجنسية و العدوانية وهي مصدر كل طاقتها وحيويتها .

ـ هل اللاّشعور نظرية علمية أم مجرد إفتراض فلسفي :

ـ يرى أصحاب التحليل النفسي أن سيكولوجيا :" فرويد " نظرية علمية دون شك وهذا من خلال النتائج النتوصل إليها ، وإن هذه النظرية فتحت باب التطور العقلي تجاه المشاكل الشخصية من خلال دراسة الحياة الجنسية ، كما أنها طورت المناهج التحليلية النفسية إضافة أن دراسات : " فرويد " أحدثت ثورة على مستوى فهم الأمراض العصبية كما أنها ساعدت على توسيع فهم الحياة النفسية و إظطراباتها .

ـ النقد :

غير أن سيكولوجيا " فرويد " لم تلقى الإتفاق و الإجماع فقد جاءت الإعتراضات إبتداء من تلاميذه في مدرسة التحليل النفسي من أشهرهم : "ألفريد أدلر" الذي أنشأ مدرسة علم النفس الفردي و أرجع اللاّشعور إلى الشعور بالنقص ، وكذلك : "كارل يونغ" الذي خالف أستاذه ووضع نظرية اللاذشعور الجمعي و من الذين رفضوا فكرة اللاّشعور الفرويدي الطبيب النمساوي : "سيتكال" الذي قال: (لا أؤمن باللاّشعور لقد آمنت به في المرحلة الأولى لكن بعد تجاربي التي دامت ثلاثين سنة وجدت أن الافكار المكبوتة إنما هي تحت شعورية ، وإن المرضى يخافون دائما من رؤية الحقيقة ) كما رفض : "سارتر" اللاّشعور و إعتبره مجرد خداع للنفس .

الخاتمة:

نستنتج ان نظرية اللاّشعور إبداع في مجال التحليل أدى إلى الكشف عن الكثير من الإظطرابات النفسية و السلوكية لكنها لم ترقى إلى مستوى الدقة العلمية و إثباتها لذلك تبقى هذه النظرية أقرب إلى الإفتراض الفلسفي كما نخلص بأن القول في الحياة النفسية من الصعب تأكيد و إثبات حقائقها لأن الأحوال النفسية وصفية كيفية سواء كانت شعورية أو لاشعورية .

آراء الزُّوار:

إرسال تعليق

إعلان: