المادة : فلسفة.
النشاط : درس نظري.
الموضوع : الذاكرة والخيال.
ـ الوضعية المشكلة : تأمل الحوار التالي الذي دار بين طالبين وأستاذهما.
الأستاذ: لماذا لا تحفظ دروسك عادة ؟
محمد: بل أحفظها ولكنني كثير النسيان ، ربما اعاني من فقدان خلايا التذكر.
الأستاذ : لاأعتقد ذلك . بل الذاكرة مرتبطة بالشعور و النفس و هي حقيقتها حالة نفسية .
ـ فتدخل "جلال" في الحوار.
جلال : ولكن يا أستاذ قد قرأت في بعض الكتب أن الإنسان لا يتذكر إال الحالات التي عايشها في إطار المجتمع .
محمد : ولكن يا أستاذ هل عليا حفظ الدرس كما هو أم أضيف له عناصر من إبداعي و تخيلي .
الأستاذ : إذا كان تخيلاً إبداعي فهو يستحق الثناء و غن كان غير ذلك فلا .
محمد : ولكن ياأستاذ في تلك الكتب التي قرأتها وجدت ان الخيال الإبداعي يرجع هو الآخر إلى المجتمع.
الأستاذ : هذه الإشكالية ثانية بمعنى مصدرية الخيال الإبداعي بين الفرد و المجتمع.
ـ تحليل الوضعية :
- تدل الوضعية على وجود حوار بين الاستاذ و طالبيه حول طبيعة الذاكرة.
ـ كان رأي جلال أن الذاكرة لها طبيعة مادية.
ـ كان رأي الاستاذ حول طبيعة الذاكرة نفسية ومعنوية.
ـ كان رأي محمد أن الذاكرة ذات طبيعة إجتماعية.
ـ ثم إنتقل الحوار إلى منحنى آخر و نعني به الإبداع و التخيل فكان رأي محمد أن الإبداع مصدره المجتمع.
ـ وهذا ما يوحي أنه يوجد موقف يناقضها بمعنى إرجاع التخيل الإبداعي إلى
شروط فردية.
ـ إذن من اجل إبداء رأي شخصي ينبغي طرح الاسئلة التالية :
1ـ ما مفهوم الذاكرة؟
ـ ما هي أنواع الذاكرة؟
ـ وما هي مراتب الذاكرة؟
ـ وما طبيعة الذاكرة ؟ هل هي ذات طبيعة مادية أم معنوية
أم ترجع إلى شروط غجتماعية؟
ـ ما هو مفهوم الخيال؟
ـ ما هي أنواع التخيل؟
ـ وما مصدر التخيل الإبداعي هل يعود إلى طبيعة مادية أم
معنوية أم إلى المجتمع؟
ـ عناصر الدرس :
ـ الذاكرة بين
إسترجاع الماضي و التكيف مع الحاضر:
1ـ تعريف الذاكرة :
هي قدرة نفسية تتمثل في إعادة بناء حالة شعورية ماضية مع التعرف عليها من
حيث هي كذلك ، و تقوم الذاكرة بعدة وظائف هي : تثبيت و تخزين الذكريات.
ـ أي تخزين وحفظ المعلومات و المعارف و المهارات بمختلف
أشكالها.
ـ التعرف على
الخبرات : فالذاكرة تتعرف على موضوعات
خبرتها وعناصرها ، وما يصحب ذلك من شعور بالألفة مع تلك الموضوعات.
ـ الإستدعاء: وهو عبارة عن قدرة الذاكرة على إستحضار فكرة أو خبر أو شيءٍ ما التي سبق و
أن مر بها الفرد دون الحاجة إلى حضور هاته الاشياء الآن.
ـ إعادة بناء
المواقف السابقة : أي عن طريق تذكر شيءٍ
ما و ربطه بالموقف الذي أحدثه و إعادة إحيائه من جديد.
2ـ أنواع الذاكرة :
أـ الذاكرة العقلية :
وهي الذاكرة التي تحفظ المعاني و الاحكام و التطورات و الأفكار، وهي ما
نسمّيها بذاكرة الإنتساب المعرفي و المعلوماتي الذي يتم عن طريق التعلم.
ب ـ الذاكرة الإنفعالية :
و هي القدرة على تذكر الاحوال الإنفعالية السابقة و ما يصاحبها من شعور و
إنطباعات نفسية كقدرة الإنسان على تذكر خوف قديم إعتراه في بعض ظروف حياته.
ج ـ الذاكرة الحسية
:
وهي ما تستطيع تذكره عن طريق أداة حسية ما كالصور البصرية، وتذكر النغمات
الصوتية، وتذكر رائحة الورود.
ـ إذن فالذاكرة
كخبرات ماضية بأنواعها المختلفة تدل على فكرة جوهرية، هي أن الذاكرة وظيفة
ضرورية لفهم الوضع الحاضر ومعرفته ووسيلة للتكيف مع مختلف ظروفه، و إحداث توازن
نفسي بين الفرد و بيئته.
3ـ مراتب التذكر:
أـ التذكر الإرادي :
ـ وهو تذكر منظم يتميز بتدخل الغفل و حضور الوعي، وفعاليته في تمثيل
الماضي و مراقبته، و إختيار عناصره و هو يتطلب جهدا أكثر و تأملا أعمق و فهما
أوضح.
ب ـ التذكر العفوي : (التلقائي):
ـ وهو تذكر تلقائي لا عناء فيه، أساسه إستدعاء الذكريات كإستجابة تكيُفية
آلية لظروف حاضرة، مثل : تذكر الكيفية التي تتم بها
الصلاة.
4ـ هل يرجع التذكر إلى شروط فردية أم إجتماعية :
أـ الموقف الأول : التذكر عملية
فردية :
ـ النظرية المادية (البيولوجية ، العضوية ) :
ـ يرى أنصار النظرية المادية الذين من بينهم العالم الفيزيولوجي "ريبو" و الجراح الفرنسي "جورج بروكا" و الديكارتيون أن الذاكرة ظاهرة
بيولوجية بالماهية و سكولوجية بالعرض، وأن الذكريات ماهي إلا أثر تشكله الأحداث
الماضية في الخلايا العصبية في المخ و الدليل على ذلك أن الذاكرة تتأثر بما يتأثر
به المخ فالتجربة العلمية تؤكد أن فساد المخ أو أي صدمة يتعرض لها الدماغ تولد
فقدان الذاكرة و هو ما يسمى بمرض "الأمنيزيا"
لهذا يؤكد "ريبو" أن الذاكرة لا تختلف
عن الظواهر الفيزيائية، فكما أن الحديد يحمل معه قابلية الإنصهار فكذلك الذاكرة
تحمل معها خاصية حفظ الذكريات و هذا ما ذهب إليه "إبن
سينا" حين قال : (إن الذاكرة هي التجويف
الأخير من الدماغ ) و هذا ما يثبت و يجعل من الذاكرة ذات طبيعية مادية بحتة .
ـ النقد :
ـ غير أن هاته النظرية واجهت إنتقادات عديدة منها أن الكثير من المصابين
بالأمراض النفسية و العصبية تتأثر ذاكرتهم لكن خلاياهم الدماغية سليمة و في حالة
طبيعية.
ـ النظرية النفسية (الشعورية ، المعنوية ):
ـ يعتقد أصحاب النظرية النفسية الذين من بينهم : "هنري
برغسون" و "فرويد" أن
الذاكرة ظاهرة نفسية فلا يمكن إرجاع الذاكرة إلى رسوم مطبوعة في خلايا المخ بل
الذاكرة الحقة هي تلك المرتبطة بالحياة النفسية وقد بين: "برغسون"
هذا في مثال و قال فيه : ( إني إذا أردت حفظ
أبيات شعرية فعليا تكرارها حتى أستطيع قرائتها من دون خطأ، ثم إنني أستطيع أن
أتذكر إثر كل قراءة ما أحدثه هذا الشعر فياّ من أحاسيس، وهي صورة نفسية خالصة )،
كما أن : "برغسون" قسم الذاكرة إلى
ذاكرة حركية وهي ما نسميه بالعادة و ذاكرة نفسية هي ذاكرة حقة، فإذا ما أصيب
الدماغ بآفة فإنها تؤثر مباشرة على الذكريات الحركية النفسية لأن الذكريات في
الفكر و ليس في الجسم .
ـ من هنا أمكن أن الذاكرة ذات طبيعة نفسية.
ـ النقد :
ـ غير أن هذا الموقف يؤخذ عليه إنكار و جود الذكريات في الخلايا العصبية،
كما أن أصحاب هاته النظرية أنكروا دور المجتمع في تكوين الذكريات.
ـ الذاكرة الإجتماعية : التذكر عملية إجتماعية :
ـ يؤكد أصحاب هذا الإتجاه أن الذاكرة من منبع المجتمع و الذين من بينهم : "هالفلاكس" و "دوركايم" و "بياجانييه"
و "جون دولاي" حيث رأى هؤلاء ان ذاكرتنا من صنع الآخرين،
فالإنسان أو الفرد إذا تذكر أمرا فإنه يتذكره داخل نطاق الأسرة أو المدرسة أو
المهنة إضافة إلى أن الذاكرة مرتبطة باللّغة واللّغة هي من صنع المجتمع كما أن
الأزمات الإجتماعية تؤثر على الذاكرة الفردية و كمثال على إجتماعية الذاكرة نذكر
على سبيل المثال ثورة التحرير الجزائرية التي تعتبرها الأمة الجزائرية ذاكرة قوية
لا ينبغي نسيانها .
ـ ومن هنا أمكن القول أن الذاكرة ذات طبيعة إجتماعية.
ـ النقد :
ـ لكن لو سلّمنا مُطلقا بهذه النظرية لوجب علينا الإعتقاد بأن كل الذكريات
التي يمتلكها فرد ما هي نفس الذكريات التي يمتلكها فرد آخر لإشتراكهما في المجتمع
و هذا ما لم يبرهن نعليه الواقع.
النتيجة :
الذاكرة أمر مركب لأنها في
الواقع تتكون من ثلاثة عوامل نفسية و بيولوجية و إجتماعية مع تقدم العالم النفسي
عليهما .
ـ هل يرجع إكتساب الذكريات إلى عوامل نفسية أم موضوعية:
أـ العوامل الذاتية : وتشتمل ما يلي :
ـ العمر الزمني أو السني.
ـ دور الظروف الراهنة أو ما نسميه بالوضع الفيزيولوجي و النفسي و الإجتماعي.
ـدور الذكاء ة القدرات العقلية.
ـ تأثير الخبرة و الثقافة السابقة.
ـ الإستعداد أو الرغبة و الميل.
ب ـ العوامل الموضوعية : وتشتمل ما يلي :
ـ التكرار أو العادة.
ـ توزيع التدريبات وفقا لتدريب الفواصل أو التدريب المنهجي.
ـ النغمة و التسميع.
ـ البساطة و الوضوح.
ـ الإنسجام و الإتساق.
ـ أمراض الذاكرة :
ـ ونقصد بها الأمراض التي تؤدي إلى عجز الذات في التعامل مع الخبرات و
القدرة على التكيف الإيجابي، ومن أشهر هاته الأمراض :
ـ إنحراف الذاكرة.
ـ فقدان الذاكرة.
ـ فرط التذكر.
ـ صعوبة التذكر.
ـ النسيان: هو العجز عن إسترجاع الخبرات أو هو عدم القدرة على إستعادة ما مضى من
الذكريات.
ـ أبعاده :
أـ نسيان سلبي :
وهو ما يتمثل في عجزنا عن إستحضار
الأمور المهمة و التي ينبغي إستذكارها في مواقف معينة ، مثل : عجز الطالب عن إسترجاع الدرس في يوم الإمتحان . أو نسيان موعد مهم مع أحد الأصدقاء .
ب ـ نسيان إيجابي :
وهو ضروري للذاكرة لأن الذاكرة لا تقدر على حفظ و إستعادة كل ما يحصله
الإنسان، وكذلك هو ضروري لتجاوز الأزمات التي مر بها الإنسان كفقدان شخص عزيز.
ـ لماذا ينسى
الإنسان كثيرا مما تعلّمه؟
ـ الموقف الأول :
النظرية النفسية :
ـ يعتقد "فرويد" رائد مدرسة
التحليل النفسي أن النسيان حالة نفسية لا شعورية، فالنسيان عند "فرويد" مرتبط بجنب الألم، و المثال الذي
أولاه "فرويد" عناية خاصة هي ظاهرة
نسيان الأسماء فالةاحد ينسى إسم فرد معين و يقفز إلى ذهنه إسم آخر بديل عن الإسم
المطلوب وهذا البديل لايأتي صدفة بل تكون له علاقة ما تربطه بالإسم المنسي، هذا
الأخير الذي قد يذكرنا بما يثير فينا الألم و نفس الإتجاه نحا نحوه : "هنري برغسون" الذي فسر أن النسيان حالة نفسية
بدليل أن الذين يفقدون ذاكرتهم تجد أن سببهم تعرضهم لصدمات نفسية .
ـ النتيجة : من هنا يكون النسيان ذو طبيعة
نفسية .
النقد :
لكن هذه النظرية جعلت من الإنسان دائم الهروب و العجز فليس كل نسيان هروب
وعجز التكيف مع الواقع.
الموقف الثاني :
ـ النظرية البيولوجية :
ـ يرى أصحاب الموقف الثاني أن النسيان ذو طبيعة مادية لهذا يؤكد : "ريبو" أن النسيان راجع إلى ترك الإستعمال أي
أن الشيء الذي نحمله ثم نتركه دون مراجعة يتعرض للنسيان، و واضح أن هاته النظرية
تجعل من الزمن مسئولا عن هذه الظاهرة فكلما طال الزمن صعب علينا تذكره و نظرية : "ريبر" في النسيان هي إمتداد لنظريته في
تفسير طبيعة الذاكرة، وهذا لأنه أرجع النسيان إلى زوال و تلاشي الآثار التي تركها
التعلم في الجملة العصبية بسبب طول الزمن و عدم الإستعمال.
النقد :
صحيح أن عدم الإستعمال له تأثير على الذاكرة غير أننا لا نسلم بهذا المبدأ
مطلقا لأننا أحيانا نستطيع تذكر ذكريات في الطفولة في حين نعجز عن تذكر حالات و
ذكريات متأخرة جدا.
ـ النتيجة : ظاهرة النسيان يمكن إرجاعها إلى
عوامل نفسية و عوامل بيولوجية في آن واحد.
ـ الخيال :
أـ مفهوم الخيال :
هو قدرة نفسية تتمثل في إستحضار الصور ثم تركيبها تركيبا حرا .
كما عرفه : "إبن سينا" قدرة
العقل على التصرف في الصور بالتركيب و التحليل، و أيضا كما عرفه : "لالاند" ملكة تركيب شيء لا واقعي و لا موجود.
ـ إسترجاع التخيل و التذكر:
الفرق بين التخيل و التذكر في الإسترجاع هو أن التذكر إستدعاء للخبرة
الشعورية كما هي بأحوالها و عناصرها، أما الإسترجاع في التخيل فهو يتميز أنه حر
في التصرف بتلك الخبرات.
ـ العلاقة بين التخيل و الإدراك :
العلاقة بينهما هو أن الإدراك مجموعة العمليات العقلية العليا المعقدة و
الخيال هو واحد من تلك العمليات، فالعلاقة بينهما كعلاقة الجزء بالكل كما أن
الإدراك يعتبر مقدمة للتخيل فلا يوجد شيء في الخيال ما لم يكن موجود قبل في
الإدراك.
ب ـ أنواع التخيل :
1ـ التخيل التمثيلي :
هو إسترجاع لصور الأشياء التي طبعت في الذهن بصورة تلقائية مع وجود إضافات
لتلك الصور، أي قدرة الإنسان على التصرف في تلك الصور بالتركيب و التحليل.
2ـ التخيل الإبداعي :
هو عبارة عن إنشاء صور جديدة و تركيبها بأوجه لم تكن موجودة من قلب فهو
تخيل خصب يتميز بالفعالية و القدرة على الإبتكار مثل : (
الرسام الذي يرسم صورة خيالية يراها في أعماق نفسه أو العالم الذي يبدع نظرية
علمية ).
3ـ هل التخيل الإبداعي يرجع إلى شروط فردية أم إلى
خصائص المجتمع :
أـ النظرية الفردية :
ـ الموقف الأول : النظرية البيولوجية :
ـ يرى بعض المفكرين أن الإبداع يستند إلى عوامل بيولوجية بمعنى عرقية
وراثية، ونقصد بها جملة الصفات الفيزيولوجية التي تتمتع بها بعض الشعوب، وهذه
النظرية سادت في أواخر القرن التاسع عشر، والدليل الذي إستندت إليه هذه النظرية
هو إختلاف العرق البشري، وهذا ما تدل عليه تقاسيم الوجه و لون العينين و لون
الشعر و طول القامة و العرق الذي ينسب إلى
الشعب الألماني و الذي عدّه الكثيرون أصفى العروق و أبلغها عبقرية لأنه يتميز
بخصائص فيزيولوجية فريدة في نظر الباحثين العرقيين الذّين منبينهم : "أرنيست رينان" و"فيكتوركوزان" و"أدولف هتلر" وإستدلوا بذلك على أن أسرة
الموسيقي الكبير الألماني (باخ) أنجبت 57 موسيقيا.
النتيجة : ومن هنا يمكن القول أن الإبداع
يرجع إلى خصائص بيولوجية .
النقد:
لكن الدّراسات الحديثة في علم الوراثة و الأجناس أثبتت بطلان هاته النظرية
بل أن هذه النظرية دعوة للتمييز العنصري.
ـ الموقف الثاني : النظرية النفسية :
يرى الكثيرين من الباحثين وعلماء النفس الذين من بينهم : "هنري برغسون " أن الإبداع يرجع إلى شروط
نفسية، لأن الإبداع عملية عقلية تتمثل في قوة الملاحظة و خصوبة التخيل و قوة
الذاكرة و تداعي الأفكار فعين الرسام تلاحظ ما لا يلاحظه الإنسان العادي، وهذا ما
وقع ل: "نيوتن" أثناء سقوط التفاحة كذلك
: "فرانكلين" حين أهّلته عبقريته إلى إكتشاف
علة الصاعقة على أساس مشاهدة الرعد و البرق بالكهرباء و كذلك الإبداع هو عملية
إرادية فالمبدع يبذل جهدا فكريا يتمثل في حضور الإرادة القوية و كذلك هو عملية
إنفعالية تتمثل في جملة الدوافع و الرغبات و العواطف التي تدفع بالمبدعين إلى
التفكير في إبداع وسائل تحقق له الغاية المنشودة، ومن هنا يكون الإبداع حالة
نفسية.
ـ النقد :
ولكن هاته النظرية أهملت الجانب الإجتماعي الذي له تأثير كبير في صقل و
تنمية مواهب الفرد ، وهذه النظرية لا تكفي وحدها لتفسير مشكلة الإبداع.
ـ الموقف الثالث : النظرية الإجتماعية :
يرى أصحاب هاته النظرية أن الإبداع و التخيل الإبداعي يعود بالدرجة الأولى
إلى المجتمع و الذين من بينهم عالم الإجتماع : "دور
كايم " لأن الإبداع في حد ذاته يتوقف على درجة النمو و التطور التي
بلغها المجتمع منجهة ومن توفير الحاجيات من جهة أخرى، فالإبداع لا يأتي إلا من
ظروف حضارية معينة، كما أن الإبداع هو حق إجتماعي يتناقله الأفراد جيلا بعد جيل
فالفرد في نظر أصحاب هذه المدرسة هو من صنع إجتماعي وكل سلوكه إنتاج إجتماعي وهذا
ما يدل عليه إستقراء التاريخ حيث يؤكد على أن جميع أو أغلب الإكتشافات العلمية في
أوربا إنما تم إكتشافها في الوقت الذي عرف فيه المجتمع نهضة فكرية و علمية،
فالفنان و العالم و الباحث لا يبدعون لأنفسهم بل لحاجة المجتمع مثل إكتشاف : "كارنو" لقوانين الحرارة إنما كان لحاجة
المصانع إلى تحسين مستوى إنتاجها.
ـ النتيجة : ومن هنا يكون الإبداع إجتماعيا
ـ النقد :
صحيح أن العمل الإجتماعي له دور في عملية الإبداع غير أن هذه النظرية
تجاهلت الخصائص الذاتية للفرد، كما أن المجتمع في حد ذاته قد يصبح عائقا أمام
الفرد المبدع، وهذا بالضبط ما حدث ل: "سقراط" و "غاليلي" وكذاك العالم البيولوجي : "مندل" الذي بقيت بحوثه في الوراثة مدة كبيرة
من الزمن دون إهتمام يُذكر.
النتيجة : نستنتج مما سبق أن الإبداع في حد
ذاته هو نتاج إجتماع عوامل و شروط متعددة منها ما هو مادي و منها ما هو معنوي و
منها ما هو إجتماعي.
الخاتمة:
نستنتج مما
سبق أن الذاكرة و الخيال من القدرات النفسية و العقلية العليا، وأن العلاقة
بينهما هي علاقة تداخل من حيث الطبيعة و الوظيفة فهما يلتقيان في التخيل التمثيلي
و يلتقيان في الوظيفة من حيث أنهما يتكاملان لتحقيق التكيف مع الموقف و الظروف
الراهنة و تحقيق توازن الذات.
بالتوفيق
للجميع.