أجدد المواضيع:

درس في المُشكلة و الإشكالية للسنة الثانية ثانوي  [آداب و فلسفة- الدرس الثاني]

المُشكلة و الإشكالية

بين السؤال الفلسفي و السؤال العلمي:

السُؤال هو طلب لِخبر، قد يكون الساءل على علم به أو يجهله، أما السُؤال الفلسفي فهو سُؤال عن شيء نجهله، وما يدفعُك لطرح سؤال فلسفي هو الحيرة التي تجدها عندما تكتشف جهلك الخاص، ولا تجد له جوابًا.

أوجه الاختلاف بين السُؤال الفلسفي و السُؤال العلمي:

- الصعوبة التي يتضمنها السُؤال الفلسفي غالبًا ما تكون "إشكالية"، بينما الصعوبة التي يتضمنها السُؤال العلمي غالبا ما تكون "مُشكلة".

- صعوبة السُؤال الفلسفي تزداد صُعوبةً وتعقيدًا، لأنه أكثر ارتباطا من السُؤال العلمي بحياة الإنسان ووجوده ومصيره.

- السُؤال الفلسفي يهم الفيلسوف بشكل خاص، ويهم كل إنسان ارتفع شأنه أو دنى في الوقت نفسه، بينما السُؤال العلمي فهو من اهتمامات العلماء.

- السُؤال الفلسفي يتعلق بقضايا ميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة)، موضوعاتها لا تقبل القياس مثل الحرية والعدالة.

- السُؤال العلمي يتعلق بالظواهر الطبيعية القابلة للقياس والملاحظة.

لذلك فإن السُؤال الفلسفي أكثر شُمولاً واتساعًا من السُؤال العلمي، ويتضمن عدد أكبر من المُشكلات، فهو في الجُملة يتضمن إشكالية.

هل لكل سُؤال جواب؟ وهل لكل مشكلة حل؟

كل إنسان يطرح سُؤال فهو ينتظر جوابًا، أو يتوقع جوابًا على الأقل. إلا أنّ بعض الفلاسفة ذهبوا إلى القول بأن هناك أسئلة لا تمتلك أجوبة.

برّر الذين ذهبوا إلى القول أن بعض الأسئلة لا تمتلك إجابات، أن تاريخ الفلسفة والعلم يُبينان بأن هناك أسئلة كثيرة طُرِحت في أزمنة تاريخية مُتباعدة، ولم تتوصل البشرية إلى الإجاب عنها، وصارت بعض الأسئلة تُشكل مُعضِلات (على سبيل المثال هناك بعض الأسئلة في الرياضيات لم يتم الإجابة عنها بعد).

الواقع يُثبت أن الفلاسفة والعلماء لم يصلوا إلى جواب بعد، لكنه لا يُثبت أن السُؤال لا جواب له، فكما قال ابن تيمية رحمه الله: "عدم الوُجود؛ أي عدم وجود الجواب؛ لا يعني العدم، أي انعدام الجواب أصلًا". فلكل سُؤالٍ جواب.

من جهة أخرى تذهب طائفة أخرى بأن لكل سُؤال يتم طرحُه جواب، سواءٌ أَعَلِمَهُ هؤلاء أم خفي عنهم، فعندما تجد فيلسوفا ينظر في قضايا سابقة سبقه إلى تفسيرها فلاسفة آخرون، ولا تُقنعه إجاباتهم، فهذا يدلأ على أن هذا الفيلسوف على قناعة بأن هاته الأسئلة تمتلك إجابات أخرى. وعلى هذا الأساس فإن السُؤال الذي طُرِح، إما أنه طُرح طرحًا سيئًا، أو أنه ليس سُؤالاً حقيقيًا لأن السؤال في الحقيقة طلب.

السُؤال طلب، لكن ليس كل طلب سؤال، فالأمر والنهي والنداء... كلها مطالب وليست أسئلة.

الاستفهام سُؤال، بينما السُؤال ليس دائما استفهام، لأن المُستفهِم يسأل عما يجهله و يطلب معرفته، أما السائل قد يسأل عما يعلم ولا يعلم.

كل مُشكلة استفهام، وليس كل استفهام مُشكلة، فعندما تسأل شخصًا ما عن اسمه فأنت تستفهم لكنك لا تجد في نفسك أي حرج أو قلق جراء عدم معرفتك باسمه. أما السُؤال عن حرية الناس في أفعالهم، وهل هُم مؤاخذون حتى عن أخطائهم؟ وهل يُعذَبون بها؟ كلها أسئلة مُلحة تجد نفسك محتارا و متوترا راغِبًا في معرفة الجواب، لأنك هنا تستفهم وتطرح مشكلة، وتحاول الوصول إلى إجابة بطرق أبواب كل من الدين والعلم والفلسفة وأي باب آخر ترى أنه قد يُساعدك في الوصول إلى إجابة. الآن صار من الواضح أن لكل سؤال جواب، وكل جواب هو ردّ عن سُؤال. 

لا توجد آراء حول الموضوع :

شاركنا برأيك :

إعلان: