أجدد المواضيع:

مُحاضرات في الفلسفة [الجُزء الثاني] جامعة مُحمد بوضياف --المسيلة-- 2016

محاضرات في الفلسفة

أهمية الفلسفة:

إذا تكلمنا عن الفلسفة من منظورها العام فإن مفهومها يكون مرادف للحضارة بمعنی أن الفلسفة تهدف إلى إعداد إنسان متحضر، لذا فإن تواجد الفلسفة كان مقترن بوجود الحضارة، و بنين المفكر الأمريكي "جون ديوي" أن الفلسفة تصحح مفهوم الحياة للإنسان بداية بإكسابه الخبرة التي هي فيض متجدد من المعاني إلى أعلى هرم في الدولة ألا وهو هيكلة السياسة و هذا يعني أن للفلسفة دور كبير جدا في تحريك عجلة التاريخ و تأسيس الحضارة.

كما أن الفلسفة تهيء الفرد ليكون مستقلا في التفكير و ليس تابعا بمعنى أن له كيانه الفكري الخاص و هذا ما عبر عنه "بيرتروند راسل": " إن الشخص الذي لا يملك أي نصيب من الفلسفة يمضي أسير أحكام استمدها من الواقع الذي يعيش فيه".

وهذا يعني أن الفلسفة تريد للإنسان أن يكون صانعا لا تابعا و أن يكون مسؤولا عن قراراته لأنه وصل إليها بمحض إرادته و بطرق عقلية و منطقية، كما أن الفلسفة بينت أهميتها من خلال الأسئلة التي طرحتها لتوجيه حركة العلم و انتقاد نتائجه و فروضه و التي كانت في كثير من الأحيان في غير صالح الإنسان.

و بيَّن "آینشتاين" أن الفلسفة بسمو خيالها هي التي أدت إلى تطوير الفيزياء و فك التناقض فيها، ويقول "آینشتاین": "إنني أخرج من المقارئ الفيزيائية بمخارج فلسفية". أما "ديكارت" فقد اعتبر الفلسفة نوع من السياحة الزمنية التي تطيل عمر الإنسان، فالفيلسوف يكتسب خبرة الماضيين و يتعرف على نمط حياتهم و أسباب نجاحهم، لذا يكون الفلاسفة على مقدرة لبلوغ الصواب.

يقول "ديكارت": "نظرت إلى الفلسفة فوجدت أهلها أعقل الناس". و يمكن البرهنة على أهمية الفلسفة من خلال العقول التي اعتنقتها فقد درس "راسل" الفلسفة و اعتنقها بعد حصوله على شهادة دكتوراه في الرياضيات و آمن بها "كلود بيرنارد" بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في الطب. و استخدمها "أوغست كونت" في دراسة الظاهرة الاجتماعية بعد حصوله على شهادات عالية في الفيزياء، وهكذا يبين التاريخ أن أغنى العقول العلمية كانت عقول فلسفية و كل نقطة في المعرفة تتحول إلى فلسفة.

المذاهب الفلسفية الكبرى:

تمهيد:

تنوعت المذاهب الفلسفية و تعددت و لكل مذهب طريقته في التفكير و في معالجة مجمل المشكلات الفلسفية و من بين المذاهب المعروفة و العريقة في الفلسفة المذهب البراغماتي و يُنعت أيضا بالمذهب النفعي و هذا المذهب مُمتد و ذو أصول يونانية حيث ظهر مع "أبيقور" و انتقل إلى "هوغس" و انتعش مع الفلسفة الأمريكية المعاصرة مع "بيرس" و "ويليام جيمس" و "جون ديوي" و سنتطرق إلى فلسفة التربية عند "جون ديوي" باعتبارها فلسفة فعالة غيرت الأنماط الاجتماعية و استجابت لمطالب الإنسان المعاصر.

معنى التربية عند جون ديوي:

يؤمن "جون ديوي" بأن التربية هي الحياة نفسها و ليست مجرد إعداد للحياة و بأنها عملية نمو، وعملية تعلم، وعملية بناء و تجدید مستمرين للخبرة و عملية اجتماعية، و لتكون التربية عملية حياة لا بد أن ترتبط بشؤون الحياة و لتكون عملية نمو و عملية تعلم و عملية اكتساب الخبرة لا بد أن تراعى فيها شروط النمو و شروط التعلم و شروط اكتساب الخبرة، و لتكون عملية اجتماعية لا بد أن تتضمن تفاعلا اجتماعيا و لا بد أن تتم في وجود ديمقراطي و جو اجتماعي صالح، و لإيمانه بهذه المعاني بالتربية فقد أعطى أهمية كبرى لعامل الخبرة في العملية التربوية و آمن بأن التربية الصحيحة إنما تتحقق عن طريق الخبرة و قد ذهب إلى وضع مبدأ جديد في التربية استلهمه من شعار الديمقراطية المشهور و هو:

" التربية للخبرة و عن طريق الخبرة و في سبيل الخبرة" لأن التربية عملية رقي في نطاق الخبرة و عن طريقها و في سبيلها و المثال المشهور الذي يضربه "جون ديوي" لمعنى الخبرة مثال: الطفل الصغير حين يلمس النار بإصبعه فليس حرق النار لإصبع الطفل كافيا في حصول الخبرة بل لا بد أن يتألم ثم يدرك أن النار مُحرقة ثم يتعلم من ذلك أن يتجنب النار حتى لا تُحرقه و معنى ذلك أن الخبرة تقوم على فعل أو انفعال على تأثير و تأثُر ولا تقف الخبرة عند هذا الحد بل تتجاوز ذلك إلى فهم الشخص لما وقع في خبرته و على الاستفادة من ذلك في المستقبل أي التبصُر بعواقب الأمور و الخبرة الصحيحة بعد هذا يجب أن تكون نتيجة للتفاعل بين الفرد و بيئته أي نتيجة للتفاعل بين مطالب الفرد و حاجاته و رغباته و دوافعه النفسية و بين الظروف و العوامل الخارجية المحيطة به، و التربية الحديثة و المعاصرة تميل إلى تفكيك العوامل الداخلية و الخارجية معا و يترتب على هذا التحديد بمعنى الخبرة على نتائج التربية منها:

أن الأمور التي لا يحصل عليها التلميذ عن طريق الخبرة الشخصية أي التي يتأثر فيها بنفسه و يدرك بنفسه العلاقات بين الأشياء لن يكون لها ثمرة مُجدية و ستتحول إلى مجرد تلقين.

وفقكم الله.

إعداد الطالب: بن لشهب سالم.

لا توجد آراء حول الموضوع :

شاركنا برأيك :

إعلان: